حزب الازدهار ومستقبل إثيوبيا: محطات بارزة ورؤية للتأثير الوطني والعالمي

 

 

يلعب حزب الازدهار، وهو أكبر حزب سياسي في أفريقيا ويقوده رئيس الوزراء آبي أحمد، دورًا محوريًا في المشهد السياسي في إثيوبيا. وباعتباره الحزب الحاكم، فهو مكلف بالعمل الجاد في التنمية والمصالحة خلال هذه الفترة المعقدة.  

يمثل المؤتمر الثاني للحزب، الذي عقد في أديس أبابا على مدى الأيام الثلاثة الماضية، معلمًا مهمًا في مسار إثيوبيا.

فهو بمثابة منصة لمناقشة الاستراتيجيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستقبلية للبلاد وفرصة للمراقبين والشركاء الخارجيين لتقييم تنمية إثيوبيا ومكانتها الدولية.

وفي كلمته الافتتاحية، أكد رئيس الوزراء آبي على أهمية المؤتمر في تشكيل مستقبل إثيوبيا. ومن خلال تسليط الضوء على الطبيعة الديمقراطية والشاملة للحدث، عزز رؤيته لحزب يعكس تنوع البلاد.

وإن هذا الالتزام أمر بالغ الأهمية في دولة تضم أكثر من 80 مجموعة عرقية، ولكل منها هويات تاريخية وثقافية مميزة.

وقد أظهر الحزب بشكل فعال طبيعته الشاملة من خلال إشراك جميع شرائح المجتمع من كل جزء من البلاد، مما أدى إلى بناء ثقة قوية بين الإثيوبيين.

وقد سجل حزب الازدهار الآن نموًا ملحوظًا في العضوية، حيث وصل الآن إلى 15.7 مليونًا، مما يعكس المشاركة السياسية القوية والتأثير الموحد للحزب.

التأسيس والإنجازات

وصف رئيس الوزراء آبي السنوات الخمس الأولى بأنها "مرحلة انطلاق"، تميزت بالتغلب على التحديات الكبيرة وإرساء الأساس للنمو المستقبلي.

 وتتوقع الحكومة تسارع التنمية في السنوات القادمة، وخاصة في البنية التحتية والنمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي.

لقد حقق حزب الازدهار خطوات واسعة في الإصلاح السياسي، والتحول نحو السلام والاستقرار.

ومنذ تأسيسه، عمل الحزب على التغلب على الانقسامات السياسية في إثيوبيا، وتوحيد الفصائل المختلفة لتعزيز الوحدة الوطنية. كما شجع الحزب الحوار السياسي، وجلب جماعات المعارضة إلى صفوفه.

وعلى صعيد الإصلاح الاقتصادي، ركز حزب الازدهار على الاستثمار في البنية الأساسية والطاقة والتصنيع.

وشهدت البلاد زيادة في الاستثمار الأجنبي، وخاصة في صناعة المنسوجات والملابس، وكان هناك دفع لتحديث الزراعة.

وتهدف خصخصة الشركات المملوكة للدولة، بما في ذلك صناعة الاتصالات في إثيوبيا، إلى تعزيز المنافسة وجذب الاستثمار الأجنبي.

وكان اتفاق السلام الذي تم توقيعه لإنهاء صراع تيغراي إنجازًا بارزًا. وسلط الاتفاق الضوء على الجهود الدبلوماسية للحزب واستعداده للتفاوض، مما ساعد في استعادة مكانة إثيوبيا الدولية.

كما عزز حزب الازدهار تحالفاته العالمية وجذب شركاء دوليين جدد، مما وضع إثيوبيا كلاعب رئيسي في منطقة القرن الأفريقي.

وفي الإصلاحات الاجتماعية، ركز حزب الازدهار على تحسين التعليم والرعاية الصحية، وخاصة في المناطق الريفية.

وتم بناء مدارس ومرافق صحية جديدة، وتم إحراز تقدم كبير في الحد من وفيات الأمهات والأطفال. كما عمل الحزب على زيادة مشاركة المرأة في السياسة وأدوار القيادة.

وتشكل الاستدامة البيئية أولوية أخرى، مع إطلاق مبادرة البصمة الخضراء في عام 2019، بهدف مكافحة إزالة الغابات وتغير المناخ من خلال جهود زراعة الأشجار على نطاق واسع.

كما استثمرت إثيوبيا في الطاقة المتجددة، ولا سيما من خلال سد النهضة الإثيوبي الكبير، والذي من المتوقع أن يعزز قدرة البلاد على إنتاج الطاقة.

و تبنى حزب الازدهار أيضا التحول الرقمي، والاستثمار في مراكز التكنولوجيا وتوسيع نطاق الاتصال بالإنترنت.

وكان أحد الإنجازات الرئيسية هو فتح سوق الاتصالات، مع دخول شركات أجنبية مثل سفاريكوم إلى إثيوبيا، مما أدى إلى تعزيز المنافسة وتحسين تقديم الخدمات.

التضامن الأخوي

لا يعد مؤتمر حزب الازدهار حدثًا وطنيًا فحسب، بل إنه أيضًا نقطة اتصال مهمة لحلفاء إثيوبيا القاريين والدوليين.

وقد أكدت الكلمات التي ألقاها ممثلو مختلف الأحزاب السياسية، بما في ذلك حركة تحرير شعب السودان في جنوب السودان، والمؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب إفريقيا، والجبهة الوطنية الرواندية، وحزب العدالة والتنمية التركي، على الدور المركزي لإثيوبيا في السياسة الإقليمية والقارية والعالمية.

وأعرب الممثلون عن دعمهم القوي لحزب الازدهار، وأشادوا بقيادة إثيوبيا ومساهماتها في الوحدة الأفريقية والتقدم.

أشاد بيتر لام بوث، الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان في جنوب السودان، بحزب الازدهار لجهوده في التحول الوطني.

وسلط الضوء بشكل خاص على تطورات البنية التحتية في أديس أبابا كرمز لالتزام الحزب بالتحديث.

كما أشار إلى العلاقات الثنائية القوية بين جنوب السودان وإثيوبيا، وخاصة في التعليم والبنية التحتية ومشاريع التنمية المشتركة.

وأكد لام بوث على نجاح برنامج المنح الدراسية، الذي أرسل 632 طالبًا من جنوب السودان إلى إثيوبيا في عام واحد، كدليل على التبادل التعليمي والثقافي القوي بين البلدين.

 وأشار إلى أن كلا البلدين يشتركان في تجارب تاريخية مشتركة ويواجهان تحديات مماثلة، وخاصة في بناء السلام ، مما يجعل شراكتهما ضرورية للتغلب على إرث الصراع وتعزيز الاستقرار على المدى الطويل.

وتحدثت نوكسولو كيفيت من المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا عن الصراعات والنجاحات المشتركة بين جنوب أفريقيا وإثيوبيا، وخاصة في سعيهما لتحقيق السلام والتنمية.

كما سلطت الضوء على رئاسة جنوب أفريقيا المقبلة لمجموعة العشرين، والتي ستركز على تعزيز الأجندة الأفريقية، وتعزيز أهمية التضامن بين الدول الأفريقية.

أعرب الأمين العام لجبهة التحرير الرواندية، ويلرز جاساماجيرا، عن امتنانه العميق لدعم إثيوبيا خلال الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.

وتؤكد هذه الرابطة التاريخية بين البلدين على قيمة الدعم المتبادل والتعاون، وخاصة في مجالات الحكم والأمن وحقوق الإنسان.

وقد عزز خطاب نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي ظافر سيراكايا العلاقة المتنامية بين إثيوبيا وتركيا.

وأكد على التزام تركيا المستمر بتنمية إثيوبيا عبر قطاعات مثل التجارة والتعليم والبنية الأساسية.

كما أكد سيراكايا على الروابط التاريخية والثقافية المشتركة بين البلدين، وخاصة احترامهما المتبادل للسيادة والاستقلال، والذي يشكل أساس شراكتهما في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتنمية في منطقة القرن الأفريقي.

وبالمثل، تحدث إيمانويل نشيمبي، الأمين العام لحزب تشاما تشا مابيندوزي في تنزانيا، عن أهمية التعاون الإقليمي لمعالجة التحديات العالمية، مثل تغير المناخ والأمن والتفاوت الاقتصادي.

وإن العلاقة القوية بين تنزانيا وإثيوبيا تشكل محورًا للتكامل الأوسع في شرق إفريقيا، والتزامهما بمعالجة هذه التحديات بشكل جماعي أمر بالغ الأهمية لضمان استقرار المنطقة وازدهارها.

ويُعتقد أن المؤتمر الثاني لحزب الازدهار سيلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل مستقبل إثيوبيا.

و إن مؤتمر حزب الازدهار هو منصة لمناقشة السياسات وفرصة للانتقال من "مرحلة الإنطلاق" إلى المستوى التالي الذي يعمل على تسريع التنمية الاقتصادية الجارية والأمن الوطني ودور إثيوبيا في الشؤون الإقليمية والعالمية.

لقد حقق حزب الازدهار تقدماً ملحوظاً في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في إثيوبيا على مدى السنوات الخمس الماضية.

وعلى الرغم من التحديات، فإن تركيز الحزب على الإصلاحات الاقتصادية وبناء السلام وتطوير البنية الأساسية والدبلوماسية الدولية وضع إثيوبيا في وضع يسمح لها بالنمو والتأثير الإقليمي.

ومع انتقال البلاد من إعادة البناء إلى التنمية المتسارعة، فإن القرارات المتخذة في هذا المؤتمر سيكون لها آثار دائمة على مستقبل إثيوبيا.

وستلعب رؤية الحزب الشاملة وقيادته والتزامه بالتنمية المستدامة دوراً حاسماً في تشكيل مسار البلاد ومكانتها في المجتمع العالمي.

وكالة الأنباء الأثيوبية
2023